الأعمدة الكهربائية.. مصيدة تحصد أرواح المواطنين (بالصور)

غزة / إذاعة القدس / وسام المقوسي

رغم المعاناة المستمرة جراء انقطاع التيار الكهربائي الذي يعاني منه سكان قطاع غزة لأكثر من ثماني ساعات يوميا والضرورة المُلحة لحل هذه القضية ، تزايدت  في الآونة الأخيرة أخطار وجود المحولات الكهربائية بين الأحياء السكنية وانتشارها الواضح على جوانب الطرقات والازقة والجدران والتصاقها المباشر بمنازل المواطنين ما يشكل خطرا كامنا يهدد حياتهم وسلامتهم.

 حيث أعرب عدد من المواطنين  تذمرهم العميق واستغرابهم من عدم إبداء أي جديه من قبل الجهات المعنية لمعالجة هذه القضية الخطيرة، وطالبوا بضرورة إيجاد الحلول اللازمة ووضع خطط لاستبدال الأسلاك العارية والمحولات والشبكات الهوائية بشبكات أرضية تجنبهم التعرض لمخاطر الصعقات الكهربائية والتي وصفها العديد منهم بـ "القنابل الموقوتة" بعد أن تسببت بوقوع ضحايا بالأرواح وخسائر بالممتلكات .

التقينا بعدد من  عائلات بعض الضحايا والمصابين فكانت القصص المأساوية والقاسية، حيث لم تخف أم فادي رحمي حسرتها على طفلها "فادي" البالغ من العمر ثلاثة عشر عاما والذي وقع ضحية صعقة كهربائية من أحد أعمدة الكهرباء التابعة لشركة توزيع الكهرباء بغزة جعلته طريح الفراش وتسببت له بشلل نصفى وفقدان للنطق وأدخلته صراع  الإعاقة والمعاناة.

بدوره، استذكر الشاب وجدي أبو عيطة ما حدث لوالده قبل عدة أعوام قائلا " فتقدت والدي وأنا طفل صغير وحرمت حنانه وعطفه برفقة أشقائي بعد أن غيبته أعمدة الضغط العالي عنا للأبد، موضحا أن والده كان يعمل بصناعة الألمونيوم وكان في حينها يحاول أن يضع شبابيك لإحدى الشقق السكنية ، الأمر الذي عرضة وأحد العاملين معه لصعقه كهربائية عنيفة أدت إلى وفاتهما في الحال .

وأعرب الشاب أبو عيطة عن آسفة لعدم اكتراث المسئولين حتى الآن لوضع حد لمخاطر الانتشار غير المنظم لشبكات الكهرباء التي قد تُعرض حياة الناس للأذى في أي لحظة .

تجدر الإشارة إلى أن أبريل 2012 كان قد شهده فاجعة بوفاة الشقيقين محمد ومحمود خميس البورنو من مدينة غزة جراء صعقة كهربائية خلال تركيبهما لخط إنترنت بجانب خط كهرباء للضغط العالي .

مصيدة للناس::

من جهته، أوضح المواطن إبراهيم عثمان أن شرفة منزلة «البلكونة» تقع على بعد نصف متر من محول كهربائي كبير ما يشكل خطراً على أسرته، لافتا أن المحول الملاصق لمنزلة سبق وأن تعرض للانفجار أكثر من ثلاث مرات وأحدث حريقاً جراء ماس كهربائي ما خلق حاله من الخوف والفزع لديهم  .

وشدد عثمان حديثه على أن مطلب الجميع اليوم هو إلزام شركة الكهرباء بضرورة إيجاد حل فعلي وإزالة أعمدة الكهرباء الملاصقة للمنازل درءاً لخطر ومنعا لحدوث ما لا تحمد عقباه ، مبينا أنها باتت "مصيدة" للناس وتسبب في كثير من الأحيان أضرار وحوادث مميتة وحرائق.

شكاوي ولا رد::

في حين يُبين أبو محمد جودت " أن كثيراً من المنازل تكاد تلامس الشبكة الكهربائية بشكل كبير، لافتا إلى أنه فقد الأمل من إمكانية رفع محول الكهرباء الملاصق لنوافذ بيته، فعمل على إغلاقها بالحجارة وبنائها بشكل نهائي بعد أن أصبحت حياته تحفها المخاوف من إمكانية تعرض أبنائه الصغار لأي أذى .

واستدرك جودت قائلا "رغم كل الدعم المالي الذي تتلقاه الحكومات الفلسطينية المتعاقبة الا أنها لم تخصص ميزانية لحل مشكلة أعمدة الضغط العالي الملاصقة للمنازل وحماية الأهالي منها رغم معرفتهم المسبقة بخطورتها"،

من جانبه أشار المواطن صخر أبو حمد (من سكان حي الشيخ رضوان) "ان أهالي المنطقة تقدموا بالعديد من الشكوى لبلدية المحافظة وشركة الكهرباء منذ اعوام من اجل العمل على ايجاد معالجة لمشكلة قرب اعمدة الضغط العالي ومحولات الكهرباء من منازلهم ، الا ان الوضع لم يتغير حتى الان ، معيبا على الجهات المعنية تباطؤها في إزالتها وعدم اعطاء الاهمية للخطورة المحدقة التي قد تمس أرواح المواطنين .

شبكات أرضية::

بدوره، أكد رئيس مجلس إدارة شركة توزيع الكهرباء بمحافظات غزة فتحي الشيخ خليل أنهم في طور التغلب على مشكلة محولات الضغط العالي وقربها من منازل المواطنين، مشيراً إلى أن الشركة وسلطة الطاقة في غزة تضعان الخطط التطويرية لشبكة الكهرباء الهوائية "الضغط العالي والمتوسط " لاستبدالها بشبكات أرضية بعيدة عن بيوت السكان .

 وبين الشيخ خليل أن الشوارع داخل الأحياء والمدن بقطاع غزة غير مؤهلة فهي مخططات قديمة تعود لعهد الاحتلال ولم تصمم لتضم شبكات أرضية ما يعيق الإسراع في استبدالها، وجود مناطق يصعب العمل بها بسبب حالة الازدحام والتلاصق في المنازل ولا يمكن مطلقا تحويلها لشبكات أرضية ، مشيراً في الوقت ذاته أنهم بصدد العمل على نقل الشبكات الهوائية إلى مناطق خارج المدن من أجل التغلب على هذه المشكلة ولكن هذه المشاريع الضخمة تحتاج لموارد ومبالغ طائلة .

التغلب على المشكلة ::

واوضح الشيخ خليل" أن هذه القضية سيتم طرحها بقوة على طاولة حكومة الوفاق الوطني التي تشكلت مؤخرا،  مبينا أن معظم حوادث الصعقات الكهربائية يكون السبب وراءها  تجرؤ المواطنين وعدم حرصهم واستهتارهم.

ودعا رئيس مجلس إدارة شركة توزيع الكهرباء في ختام حديثه" الجميع  للتعامل مع الكهرباء بحرص شديد متفهما في الوقت ذاته الخطر الداهم والمميت الذي قد يتعرض له السكان المجاورون لشبكات الضغط العالي ، واعداً بعدم التباطؤ في العمل من أجل التغلب على هذه المشكلة وإيجاد حلول جذرية لها .