حزب الله يردّ على تهديدات "إسرائيل"

حزب الله يردّ على تهديدات "إسرائيل"

تستعّر الحرب النفسيّة بين تل أبيب وحزب الله بشكلٍ كبيرٍ ولافتٍ، والأهّم من ذلك، أنّ حزب الله، هذه المنظمة الصغيرة، التي يصفها أركان دولة الاحتلال بأنّها باتت شبه جيش، هي التي تُبادر، فيما “تحتفظ” "إسرائيل" بحقّها في الردّ على “استفزازات” حزب الله المتكررة في الآونة الأخيرة.

وفي هذا السياق، أطلقت شركة Web Yourself "الإسرائيلية" الخاصّة بتصميم المواقع الإلكترونية حملة دعائية على مواقع التواصل الاجتماعيّ ضدّ حزب الله، ردًا على حملة “زمن الانتصار” التي نظّمها مؤيّدون في لبنان للمقاومة الأسبوع الماضيّ على شبكات التواصل الاجتماعي وتخلّلها عرض بعض الحاجيات التي يجب أنْ تكون بحوزة "الإسرائيليين" في الحرب القادمة.

وبحسب موقع “YNET”، العبريّ التابع لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، فقد أثارت الحملة التي نظّمها مؤيدون للمقاومة على مواقع التواصل الاجتماعيّ ردود فعل في الدولة العبريّة وأبرزها ما صدر عن شركة Web Yourself التي تتخذ من مستوطنة كريات شمونا (الخالصة) مقرًّا لها، فهي أطلقت حملة مضادّة باللغتين العبرية والعربية تضمنّت المواد عن الذي ينتظر عناصر حزب الله في الحرب المقبلة، حسب تعبيرها.

 الموقع الإسرائيليّ أشار إلى أنّ حزب الله ردّ سريعًا على التهديد الذي عرضته الشركة الإسرائيلية عبر صفحتها على “فايسبوك”، فنشر على صفحة إعلامه الحربيّ بالعربية “صواريخنا ستدمّر سفنكم، البحر سيشهد على ذلك”.

وعلى صورة الشركة الإسرائيلية التي كتبت “لن تنجحوا بالهروب من طائرة أف 35″ ردّ حزب الله بـ “نحن ننتظر”، وأيضًا ردًا على القبة الحديدية نشر “لا قبة ستعلو في فلسطين إلّا قبة الصخرة”.

وهكذا بعد مرور أكثر عقدٍ من الزمن على حرب لبنان الثانية، يُمكن القول-الفصل: لم تقتصر مفاعيل خطابات السيد نصر الله على معنويات الجمهور الإسرائيليّ وجنوده، بل كان لها أثرها الفعّال أيضًا على صنّاع القرار السياسيّ والأمنيّ في تل أبيب، وهو ما شهدت به أكثر من محطة قبل حرب عام 2006 وخلالها وبعدها.

ومن أبرز المواقف التي بدا أنّ حضورها في إسرائيل، جمهورًا ونخبًا، لا يقل عمّا هو عليه في لبنان والعالم العربي، خطاب “ما بعد بعد حيفا”، واستهداف البارجة “ساعر”، التي أعلن السيّد حسن نصر الله عن إصابتها ببثٍ حيٍّ ومباشرٍ، الأمر الذي أذهل الإسرائيليين وأرعبهم على حدّ سواء.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ خطاب السيد نصر الله الذي ألقاه في تموز عام 2006، “إلى حيفا، وصدقوني إلى ما بعد حيفا والى ما بعد بعد حيفا”، بات محورًا لأطروحات في الأكاديمية الإسرائيليّة عن أثر هذا الخطاب، ومثالاً ممتازًا عن القدرة على الإقناع، بحسب رئيس مركز أبحاث الأمن القوميّ والإعلام في جامعة أرييل، والباحث في مجالات حرب المعلومات، الدكتور رون شلايفر، في مقابلة مع موقع (WALLA) العبريّ.

وكشف شلايفر عن حقيقة أنّ هذا الموقف تحول إلى مادّةٍ على ألسنة الجمهور الإسرائيلي، وتابع قائلاً إنّ السخرية الكبرى أنّ الجمهور في إسرائيل هو الذي حوّل هذا الخطاب إلى شعارٍ، واصفًا إياه بأنّه رسالة تلتقطها الأذن جيّدًا، وانتقد الإعلام الإسرائيليّ لأنّه سار خلف الجمهور. وبحسب شلايفر فإنّ إسرائيل لمست أهمية الحرب النفسية من خلال أداء نصر الله. وقال للموقع: بفضل نصر الله فهمنا أنّ الحرب النفسيّة مهمة، وأنّ حرب القذائف والغارات ليست هي حصرًا ما يحسم المعركة.

ورأى أنّ نصر الله يُركّز على هذه الحرب ضدّ إسرائيل، كونه لا يملك القدرات التي نمتلكها، والفكرة الأساسيّة التي تقوم عليها الحرب النفسية، جزم: إذا لم تكن قادرًا على التأثير على بندقية عدوك، عليك أنْ تؤثر على الإصبع الذي يضغط على الزناد. وفي هذه القضية بالذات نصر الله ممتاز.

وشدّدّ شلايفر على أنّ أكبر كوارثنا هي أننّا نستخّف بالعالم العربي ونعتبره متخلفًا على المستوى التكنولوجيّ والاستراتيجيّ، وبذلك نرتكب خطأً فادحًا.

ولفت إلى أنّ العالم أصبح يعجّ بوسائل الاتصالات ونشر الشائعات، والحرب النفسية هي بُعد إضافي يحتاج إليه القتال. وبرأيه، فإنّ حزب الله، وحماس التي تعلمت منه، يستخدمان أفلامًا معدّة جيّدًا ويحرصان على إخضاع عناصرهما لعملية إعداد شامل في هذا المجال، ويطلقان خطابات مدوية وكجزء من منهج هجوم، وعندما لا ترد عليهما تبدو كطرفٍ مهزومٍ.

وتكفي الإشارة إلى ما أكّدته لجنة فينوغراد الإسرائيليّة لتقصّى الحقائق حول حرب لبنان الثانيّة 2006: “لقد كان نصر الله بارعاً في إدارة الحرب من الناحية النفسية من اليوم الأول والصحافة والتلفزيون يساهمون في هزيمتنا لأنهم يرددون كلامه على أسماعنا”، على حدّ تعبيرها.

ومثال آخر: لقد نجح نصر الله في تحويل “حزب الله” إلى إحدى أقوى المنظمات في العالم، وفق ما أعلن قائد الذراع البريّة في جيش الاحتلال الإسرائيليّ، الجنرال غاي تسور، الذي تحدث لموقع (WALLA) الإخباريّ- الإسرائيليّ، متناولاً قدرات الحزب العسكرية وكيفية تطورها وبنيته، إضافةً إلى شكل المعركة المقبلة التي يتوقّعها.